آداب الحجر والمستجار والملتزم

الحَجَرُ الأَسوَد

أ – الحَجَرُ يَمينُ اللّه

1 – رسول اللّه (ص): الحَجَرُ يَمينُ اللّهِ في أرضِهِ، فَمَن مَسَحَهُ مَسَحَ يَدَ اللّهِ‏(1).

2 – عنه (ص): الحَجَرُ يَمينُ اللّهِ فِي الأَرضِ يُصافِحُ بِهِ عِبادَهُ‏(2).

3 – عنه (ص): الحَجَرُ يَمينُ اللّهِ فِي الأَرضِ، فَمَن مَسَحَ يَدَهُ عَلَى الحَجَرِ فَقَد بايَعَ اللّهَ أن لا يَعصِيَهُ‏(3).

4 – عنه (ص): الحَجَرُ يَمينُ اللّهِ، فَمَن شاءَ صافَحَهُ بِها(4).

ب – أصلُ الحَجَر

1 – عُقبَةُ بنُ بَشيرٍ عَن أحَدِهِما(ع): إنّ اللّهَ عَزّوجَلّ أمَرَ إبراهيمَ بِبِناءِ الكَعبَةِ وأن يَرفَعَ قَواعِدَها ويُرِيَ النّاسَ مَناسِكَهُم، فَبَنى‏ إبراهيمُ وإسماعيلُ البَيتَ كُلّ يَومٍ سافًا، حَتّى انتَهى‏ إلى‏ مَوضِعِ الحَجَرِ الأَسوَدِ.

قالَ أبو جَعفَرٍ(ع): فَنادى‏ أبو قُبَيسٍ إبراهيمَ(ع): إنّ لَكَ عِندي وَديعَةً، فَأَعطاهُ الحَجَرَ فَوَضَعَهُ مَوضِعَهُ‏(5).

2 – الإمام عليّ (ع) – في جَوابِ اليَهودِيّ لَمّا سَأَلَهُ عَن أوّلِ حَجَرٍ وُضِعَ عَلى‏ وَجهِ الأرضِ-: يا يَهودِيّ، أنتُم تَقولونَ: أوّلُ حَجَرٍ وُضِعَ عَلى‏ وَجهِ الأَرضِ الّذي في بَيتِ المَقدِسِ وكَذَبتُم، هُوَ الحَجَرُ الّذي نَزَلَ بِهِ آدَمُ مِنَ الجَنّةِ.

قالَ (اليَهودِيّ): صَدَقتَ واللّهِ، إنّهُ لَبِخَطّ هارونَ وإملاءِ موسى‏(6).

3 – رسول اللّه (ص): لَيسَ فِي الأَرضِ مِنَ الجَنّةِ إلّا ثَلاثَةُ أشياءَ: غَرسُ العَجوَةِ، وأواقٍ تَنزِلُ فِي الفُراتِ كُلّ يَومٍ مِن بَرَكَةِ الجَنّةِ، والحَجَرُ(7).

4 – عنه (ص): الحَجَرُ الأَسوَدُ مِنَ الجَنّةِ(8).

5 – عنه (ص): الحَجَرُ الأَسوَدُ مِن حِجارَةِ الجَنّةِ(9).

6 – المُنذِرُ الثَورِيّ عَنِ الإِمامِ الباقِرِ(ع): سَأَلتُهُ عَنِ الحَجَرِ، فَقالَ: نَزَلَت ثَلاثَةُ أحجارٍ مِنَ الجَنّةِ: الحَجَرُ الأَسوَدُ استودِعَهُ إبراهيمُ، ومَقامُ إِبراهيمَ، وحَجَرُ بَني إسرائيلَ. قالَ أبو جَعفَرٍ(ع): إنّ اللّهَ استَودَعَ إبراهيمَ الحَجَرَ الأَبيَضَ، وكانَ أشَدّ بَياضًا مِنَ القَراطيسِ، فَاسوَدّ مِن خَطايا بَني آدَمَ‏(10).

ج – وَضعُ الحَجَرِ فِي الجاهِلِيّة

1 – رسول اللّه (ص): أنَا وَضَعتُ الرّكنَ بِيَدي يَومَ اختَلَفَت قُرَيشٌ في وَضعِهِ‏(11).

2 – اِبنُ شِهاب: لَمّا بَلَغَ رَسولُ اللّهِ(ص) الحُلُمَ أجمَرَتِ امرَأَةٌ الكَعبَةَ وطارَت شَرارَةٌ مِن مِجمَرَتِها في ثِيابِ الكَعبَةِ فَاحتَرَقَت، فَهَدَموها، حَتّى‏ إذا بَنَوها فَبَلَغوا مَوضِعَ الرّكنِ اختَصَمَت قُرَيشٌ فِي الرّكنِ: أيّ القَبائِلِ تَلي رَفعَهُ، فَقالوا: تَعالَوا نُحَكّم أوّلَ مَن يَطلُعُ عَلَينا، فَطَلَعَ عَلَيهِم رَسولُ اللّهِ(ص) وهُوَ غُلامٌ عَلَيهِ وِشاحٌ نَمِرَةٌ، فَحَكّموهُ فَأَمَرَ بِالرّكنِ فَوُضِعَ في ثَوبٍ، ثُمّ أخرَجَ سَيّدَ كُلّ قَبيلَةٍ فَأَعطاهُ ناحِيَةً مِنَ الثّوبِ، ثُمّ ارتَقى‏ هُوَ فَرَفَعوا إلَيهِ الرّكنَ، فَكانَ هُوَ يَضَعُهُ‏(12).

د – في عَصرِ عَبدِالمَلِك

1 – الصّدوق: رُوِيَ أنّ الحَجّاجَ لَمّا فَرَغَ مِن بِناءِ الكَعبَةِ سَأَلَ عَلِيّ بنَ الحُسَينِ(ع) أن يَضَعَ الحَجَرَ في مَوضِعِهِ، فَأَخَذَهُ ووَضَعَهُ في مَوضِعِهِ‏(13).

2 – الرّاوَندِيّ: إنّ الحَجّاجَ بنَ يوسُفَ لَمّا خَرّبَ الكَعبَةَ، بِسَبَبِ مُقاتَلَةِ عَبدِاللّهِ بنِ الزّبَيرِ، ثُمّ عَمّروها، فَلَمّا اُعيدَ البَيتُ وأرادوا أن يَنصِبُوا الحَجَرَ الأَسوَدَ، فَكُلّما نَصَبَهُ عالِمٌ مِن عُلَمائِهِم أو قاضٍ من قُضاتِهِم أو زاهِدٌ مِن زُهّادِهِم يَتَزَلزَلُ ويَقَعُ ويَضطَرِبُ، ولا يَستَقِرّ الحَجَرُ في مَكانِهِ.

فَجاءَهُ عَلِيّ بنُ الحُسَينِ(ع) وأخَذَهُ مِن أيديهِم، وسَمّى اللّهَ، ثُمّ نَصَبَهُ، فَاستَقَرّ في مَكانِهِ، وكَبّرَ النّاسُ‏(14).

هـ – في عَصرِ القَرامِطَة

1 – جَعفَرُ بنُ مُحَمّدِ بنِ قولَوَيه: لَمّا وصَلتُ بَغدادَ في سَنَةِ تِسعٍ وثَلاثينَ وثَلاثِمِائَةٍ لِلحَجّ – وهِيَ السّنَةُ الّتي رَدّ القَرامِطَةُ فيهَا الحَجَرَ إلى‏ مَكانِهِ مِنَ البَيتِ- كانَ أكبَرُ هَمّي الظَفَرَ بِمَن يَنصِبُ الحَجَرَ، لِأَنّهُ يَمضي في أثناءِ الكُتُبِ قِصّةُ أخذِهِ، وأنّهُ يَنصِبُهُ في مَكانِهِ الحُجّةُ فِي الزّمانِ، كَما في زَمانِ الحَجّاجِ وَضَعَهُ زَينُ العابِدينَ(ع) في مَكانِهِ فَاستَقَرّ.

فَاعتَلَلتُ عِلّةً صَعِبَةً خِفتُ مِنها عَلى‏ نَفسي، ولَم يَتَهَيّأ لي ما قَصَدتُ لَهُ، فَاستَنَبتُ المَعروفَ بِابنِ هِشامٍ، وأعطَيتُهُ رُقعَةً مَختومَةً، أسأَلُ فيها عَن مُدّةِ عُمُري، وهَل تَكونُ المَنِيّةُ في هذِهِ العِلّةِ، أم لا؟

وقُلتُ: هَمّي إيصالُ هذِهِ الرّقعَةِ إلى‏ واضِعِ الحَجَرِ في مَكانِهِ، وأخذُ جَوابِهِ، وإنّمَا أندُبُكَ لِهذا.

فَقالَ المَعروفُ بِابنِ هِشامٍ: لَمّا حَصَلتُ بِمَكّةَ وعُزِمَ عَلى‏ إعادَةِ الحَجَرِ بَذَلتُ لِسَدَنَةِ البَيتِ جُملَةً تَمَكّنتُ مَعَها مِنَ الكَونِ بِحَيثُ أرى‏ واضِعَ الحَجَرِ في مَكانِهِ، وأقَمتُ مَعيِ مِنهُم مَن يَمنَعُ عَنّي ازدِحامَ النّاسِ، فَكُلّما عَمَدَ إنسانٌ لِوَضعِهِ اضطَرَبَ ولَم يَستَقِم، فَأَقبَلَ غُلامٌ أسمَرُ اللّونِ حَسَنُ الوَجهِ، فَتَناوَلَهُ ووَضَعَهُ في مَكانِهِ، فَاستَقامَ كَأَنّهُ لَم يَزُل عَنهُ، وعَلَت لِذلِكَ الأَصواتُ، وانصَرَفَ خارِجًا مِنَ البابِ. فَنَهَضتُ مِن مَكاني أتبعُهُ، وأدفَعُ النّاسَ عَنّي يَمينًا وشِمالًا، حَتّى‏ ظُنّ بِيَ الاِختِلاطُ فِي العَقلِ، والنّاسُ يَفرِجونَ لي، وعَيني لا تُفارِقُهُ، حَتّى انقَطَعَ عَنِ النّاسِ، فَكُنتُ اُسرِعُ السّيرَ خَلفَهُ، وهُوَ يَمشي عَلى‏ تُؤَدَةٍ ولا اُدرِكُهُ.

فَلَمّا حَصَلَ بِحَيثُ لا أحَدَ يَراهُ غَيري وَقَفَ والتَفَتَ إلَيّ فقالَ: هاتِ ما مَعَكَ، فَناوَلتُهُ الرّقعَةَ، فَقالَ مِن غَيرِ أن يَنظُرَ فيها:

قُل لَهُ: لا خَوفَ عَلَيكَ في هذِهِ العِلّةِ، ويَكونُ ما لابُدّ مِنهُ بَعدَ ثَلاثينَ سَنَةً.

فَوَقَعَ عَلَيّ الزّمَعُ‏(15) حَتّى‏ لَم اُطِق حَراكًا، وتَرَكَني وانصَرَفَ‏(16).


1– جامع الأحاديث للقمّيّ: 71 عن موسى بن إبراهيم عن الإمام الكاظم عن آبائه(ع).

2– الفردوس: 2/159/2808 عن جابر؛ عوالي اللآلي: 1/51/75، المحجّة البيضاء: 2/203 كلاهما عن ابن عبّاس.

3– الفردوس: 2/159/2807 عن أنس بن مالك.

4– المجازات النبويّة: 444/.361 قال الشريف الرضيّ (ره) في بيانه: وهذا القول مجاز، والمراد أنّ الحجر جهة من جهات القرب إلى اللّه، فمن استلمه وباشره قرب من طاعته تعالى، فكان كاللاصق بها، والمباشر لها، فأقام عليه الصلاة والسلام اليمين هاهنا مقام الطاعة التي يُتقرّب بها إلى اللّه سبحانه على طريق المجاز والاتّساع؛ لأنّ من عادة العرب إذا أراد أحدهم التقرّب من صاحبه وفضّل الأَنَسَة بمخالطته أن يصافحه بكفّه، ويعلّق يده بيده، وقد علمنا في القديم تعالى أنّ الدنوّ يستحيل على ذاته، فيجب أن يكون ذلك دنوّا من طاعته ومرضاته، ولمّا جاء عليه الصلاة والسلام بذكر اليمين أتبعه بذكر الصفاح، ليوفي الفصاحة حقّها، ويبلغ بالبلاغة غايتها.

5– الكافي: 4/205/4 وص 188/2 نحوه، وراجع الفقيه: 2/242/2302.

6– الخصال: 476/40 عن صالح بن عقبة عن الإمام الصادق(ع).

7– تاريخ بغداد: 1/55 عن أبي هريرة.

8– سنن النسائيّ: 5/ 226 عن ابن عبّاس.

9– السنن الكبرى: 5/122/9231 عن أنس.

10– تفسير العيّاشيّ: 1/59/93.

11– أخبار مكّة للأزرقيّ: 1/172 عن عمر بن عليّ.

12– دلائل النبوّة للبيهقيّ: 2/57، أخبار مكّة للأزرقيّ: 1/158، وراجع دعائم الإسلام: 1/292.

13– الفقيه: 2/247/2321.

14– الخرائج والجرائح: 1/268/11، مدينة المعاجز: 4/414.

15– الزّمَعُ: الدهش (تاج العروس : 11/192).

16– الخرائج والجرائح: 1/268/11، مدينة المعاجز: 4/414.

المُستَجار

1 – الإمام الصادق(ع): بَنى‏ إبراهيمُ البَيتَ… وجَعَلَ لَهُ بابَينِ: بابٌ إلَى المَشرِقِ وبابٌ إلَى المَغرِبِ، والبابُ الّذي إلَى المَغرِبِ يُسَمّى المُستَجارَ(1).

2 – الإمام زين العابدين (ع): لَمّا هَبَطَ آدَمُ إلَى الأَرضِ طافَ بِالبَيتِ، فَلَمّا كانَ عِندَ المُستَجارِ دَنا مِنَ البَيتِ فَرَفَعَ يَدَيهِ إلَى السّماءِ فَقالَ: يا رَبّ، اغفِر لي. فَنودِيَ: إنّي قَد غَفَرتُ لَكَ. قالَ: يا رَبّ، ولِوُلدي! فَنودِيَ: يا آدَمُ، مَن جاءَني مِن وُلدِكَ فَباءَ بِذَنبِهِ بِهذَا المَكانِ غَفَرتُ لَهُ‏(2).

3 – عَلِيّ بنُ جَعفَر: رَأَيتُ أخي يَطوفُ السّبوعَينِ والثّلاثَةَ يَقرِنُها، غَيرَ أنّهُ يَقِفُ فِي المُستَجارِ فَيَدعو في كُلّ اُسبوعٍ، ويَأتِي الحَجَرَ فَيَستَلِمُهُ، ثُمّ يَطوفُ‏(3).


1–  تفسير القمّيّ: 1/62 عن هشام.
 

2–  تفسير العيّاشيّ: 1/30/7.

 
3–  قرب الإسناد: 241/950.

المُلتَزَم

1 – رسول اللّه (ص): ما دَعا أحَدٌ بِشَي‏ءٍ في هذَا المُلتَزَمِ إلّا استُجيبَ لَهُ‏(1).

2 – عنه (ص): المُلتَزَمُ مَوضِعٌ يُستَجابُ فيهِ الدّعاءُ، وما دَعا عَبدٌ اللّهَ دَعوَةً إلّا استَجابَها(2).

3 – عنه (ص): بَينَ الرّكنِ والمَقامِ مُلتَزَمٌ، ما يَدعو بِهِ صاحِبُ عاهَةٍ إلّا بَرِئَ‏(3).

4 – عنه (ص): طافَ آدَمُ بِالبَيتِ سَبعًا حينَ نَزَلَ، ثُمّ صَلّى‏ وَجاهَ بابِ الكَعبَةِ رَكعَتَينِ، ثُمّ أتَى المُلتَزَمَ فَقالَ: «اللّهُمّ إنّكَ تَعلَمُ سَريرَتي وعَلانِيَتي فَاقبَل مَعذِرَتي، وتَعلَمُ ما في نَفسي وما عِندي فَاغفِر لي ذُنوبي، وتَعلَمُ حاجَتي فأَعطِني سُؤلي. اللّهُمّ إنّي أسأَلُكَ إيمانًا يُباشِرُ قَلبي ويَقينًا صادِقًا حَتّى‏ أعلَمَ أنّهُ لَن يُصيبَني إلّا ما كَتَبتَ لي، والرّضا بِما قَضَيتَ عَلَيّ».

فَأَوحَى اللّهُ تَعالى‏ إلَيهِ: يا آدَمُ، قَد دَعَوتَني بِدَعَواتٍ واستَجَبتُ لَكَ، ولَن يَدعُوَنِي بِها أحَدٌ مِن وُلدِكَ إلّا كَشَفتُ هُمومَهُ وغُمومَهُ، وكَفَفتُ عَلَيهِ ضَيعَتَهُ، ونَزَعتُ الفَقرَ مِن قَلبِهِ، وجَعَلتُ الغِنى‏ بَينَ عَينَيهِ، وتَجَرتُ لَهُ مِن وَراءِ تِجارَةِ كُلّ تاجِرٍ، وأتَتهُ الدّنيا وهِيَ راغِمَةٌ وإن كانَ لا يُريدُها(4).

5 – الإمام الصادق (ع): لَمّا طافَ آدَمُ بِالبَيتِ وانتَهى‏ إلَى المُلتَزَمِ قالَ لَهُ جَبرَئيلُ(ع): ياآدَمُ، أقِرّ لِرَبّكَ بِذُنوبِكَ في هذَا المَكانِ (إلى‏ أن قالَ:) فَأَوحَى اللّهُ عَزّوجَلّ إلَيهِ: يا آدَمُ، قَد غَفَرتُ ذَنبَكَ، قالَ: يا رَبّ، ولِوُلدي (أ)و لِذُرّيّتي؟  فَأَوحَى اللّهُ عَزّوجَلّ إلَيهِ: يا آدَمُ، مَن جاءَ مِن ذُرّيّتِكَ إلى‏ هذَا المَكانِ وأقَرّ بِذُنوبِهِ وتابَ كَما تُبتَ ثُمّ استَغفَرَ غَفَرتُ لَهُ‏(5).

6 – الإمام عليّ (ع): أقِرّوا عِندَ المُلتَزَمِ بِما حَفِظتُم مِن ذُنوبِكُم وما لَم تَحفَظوا. فَقولوا: «وما حَفِظَتهُ عَلَينا حَفَظَتُكَ ونَسيناهُ فَاغفِرهُ لَنا»، فَإِنّهُ مَن‏أقَرّ بِذَنبِهِ في ذلِكَ المَوضِعِ وعَدّهُ وذَكَرَهُ واستَغفَرَ اللّهَ مِنهُ كانَ حَقّا عَلَى اللّهِ عَزّوجَلّ أن يَغفِرَهُ لَهُ‏(6).

7 – الإمام الصادق (ع): إِنّ عَلِيّ بنَ الحُسَينِ إذا أتَى المُلتَزَمَ قالَ: «اللّهُمّ إنّ عِندي أفواجًا مِن ذُنوبٍ، وأفواجًا مِن خَطايا، وعِندَكَ أفواجٌ مِن رَحمَةٍ وأَفواجٌ مِن مَغفِرَةٍ، يا مَنِ استَجابَ لِأَبغَضِ خَلقِهِ إلَيهِ إذ قالَ: ﴿أنظِرني إلى‏ يَومِ يُبعَثونَ﴾(7) اِستَجِب لي وافعَل بي كَذا وكَذا»(8).

8 – مُعاوِيَةُ بنُ عَمّارٍ عَن أبي عَبدِاللّهِ(ع) أنّهُ كانَ إذَا انتَهى‏ إلَى المُلتَزَمِ قالَ لِمَواليهِ: أميطوا عَنّي حَتّى‏ اُقِرّ لِرَبّي بِذُنوبي في هذَا المَكانِ، فَإِنّ هذا مَكانٌ لَم يُقِرّ عَبدٌ لِرَبّهِ بِذُنوبِهِ ثُمّ استَغفَرَ اللّهَ إلّا غَفَرَ اللّهُ لَهُ‏(9).

9 – الإمام الصادق (ع): إذا فَرَغتَ مِن طَوافِكَ وبَلَغتَ مُؤَخّرَ الكَعبَةِ – وهُوَ بِحِذاءِ المُستَجارِ، دونَ الرّكنِ اليَمانِيّ بِقَليلٍ- فَابسُط يَدَيكَ عَلَى البَيتِ، وألصِق بَطنَكَ (بَدَنَكَ) وخَدّكَ بِالبَيتِ وقُل: «اللّهُمّ البَيتُ بَيتُكَ، والعَبدُ عَبدُكَ، وهذا مَكانُ العائِذِ بِكَ مِنَ النّارِ».

ثُمّ أقِرّ لِرَبّكَ بِما عَمِلتَ، فَإِنّهُ لَيسَ مِن عَبدٍ مُؤمِنٍ يُقِرّ لِرَبّهِ بِذُنوبِهِ في هذَا المَكانِ إلّا غَفَرَ اللّهُ لَهُ، إن شاءَ اللّهُ، وتَقولُ: «اللّهُمّ مِن قِبَلِكَ الرّوحُ والفَرَجُ والعافِيَةُ، اللّهُمّ إنّ عَمَلي ضَعيفٌ فَضاعِفهُ لي، واغفِر لي مَا اطّلَعتَ عَلَيهِ مِنّي وخَفِيَ عَلى‏ خَلقِكَ». ثُمّ تَستَجيرُ بِاللّهِ مِنَ النّارِ. وتَخَيّر لِنَفسِكَ مِنَ الدّعاءِ، ثُمّ استَلِمِ الرّكنَ اليَمانِيّ، ثُمّ ائتِ الحَجَرَ الأَسوَدَ(10).


تحقيق حول المواضع المقدّسة في المسجد الحرام

1 – الحَطيم:

        هو جزء من المسجد الحرام، وهو أفضل مواضعه‏(11). وحدود الحطيم هي: ركن‏الحجر الأسود وباب الكعبة ومقام إبراهيم(ع)(12).

        سمّي هذا الموضع بالحطيم لأنّه مزدحم جدّا بالطّائفين الّذين يريدون استلام الحجر أو الدّعاء عند الباب، فكأنّما يَحطِم بعضُهم بعضًا.

2 – المُلتَزم:

        ويقال له «المُتعوّذ»(13) و«المَدعى»(14). وهو جزء من جدار الكعبة قرب الركن اليمانيّ حيال الباب وهو غير الحطيم قطعًا، وهذا الأمر متّفق عليه لدى الفقهاء والمحدّثين من الشيعة(15). وأمّا أهل السّنّة فيختلفون فيه، فبعضٌ يقول إنّه بين الركن والمقام‏(16)، والأكثر يقول إنّه بين الباب والرّكن‏(17). وليس بعيدًا أنّ منشأه التزام رسول اللّه(ص) ودعاؤه بهذا المكان، الّذي هو مندوب عند الشيعة أيضًا، لا سيّما عند وَداع البيت‏(18).

3 – المُستَجار:

        هو الباب الغربيّ في ظهر الكعبة(19)، الذي قد بناه إبراهيم(ع)، وهدمته قريش حينما جدّدت بناءها. ومكان هذا الباب قريب من الملتزم، وتتّحد آدابه وخصائصه معه‏(20)، وهو السبب في اتّحاد الملتزم والمستجار في ألسنة المحدّثين والفقهاء(21). وفي رواية غير صحيحة : المستجار بين الحجر والباب‏(22).


1–  الفردوس: 4/94/6292 عن ابن عبّاس

2–  إتحاف السادة: 4/354 عن ابن عبّاس.

3–  المعجم الكبير: 11/254/11873 عن ابن عبّاس.

4–  أخبار مكّة للأزرقيّ: 1/348 و349 عن بريدة.

5–  الكافي: 4/194/3.

6–  الخصال: 617/10 عن أبي بصير ومحمّد بن مسلم عن الإمام الصادق عن آبائه(ع).

7–  الأعراف: 14.

8–  تفسير العيّاشيّ: 2/241/12 عن أبان.

9–  الكافي: 4/410/4.

10–  الكافي: 4/411/5 عن معاوية بن عمّار، و ص 410/3 عن عبداللّه بن سنان مختصرًا.

11– راجع فصل أفضل مواضع المسجد الحرام.

12– ثواب الأعمال: 244/3، علل الشرائع: 400/الباب 141.

13– الكافي: 4/410/3، التهذيب: 5/107/347.

14– أخبار مكّة للأزرقيّ: 1/347.

15– الكافي: 4/532/3 وص 410، التهذيب: 5/107 وص 108/350، دعائم الإسلام: 1/314، البحار: 74/327/97 «بيان ذيل الحديث»، مدارك الأحكام: 8/163، جواهر الكلام: 7/191.

16– المعجم الكبير: 11/254/11873، كنزالعمّال: 12/221/34759.

17– الموطّأ: 1/424/251، سنن أبي داود: 2/181/1899، سنن ابن ماجة: 9872 / 2962، مسند ابن حنبل: 5/294/ فصل عبدالرحمن بن صفوان، أخبار مكّة للفاكهيّ: 1/160/باب ذكر الملتزم، أخبار مكّة للأزرقيّ: 3471 و349، السنن الكبرى: 5/150/9332.

18– الكافي: 4/532/4، دعائم الإسلام: 1/333.

19– تفسير القمّيّ: 1/62، وراجع مهج الدعوات: 321.

20– الكافي: 4/411/5، التهذيب: 5/104/339، الفقيه: 2/533، وراجع البحار: 99/343/17، إشارة السبق للحلبيّ: 132، شرائع الإسلام: 1/309.

21– البحار: 74/327/ ذيل الحديث 97، وج 76/36/ ذيل الحديث 33، المهذّب لابن البرّاج: 233، الوسيلة لابن حمزة: 173 و 191، مجمع الفائدة والبرهان: 7/104، ذخيرة المعاد: 634، التحفة السنيّة: 187.

22– الكافي: 4/532/4.